والخوارج : هم الفرق التي تكفر المسلمين بمجرد الذنوب؛ بالأمور التي لم يكفّر بها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعليه فلفظ الخوارج علم على هذه الفرقة، تحت أي اسم، وفي أي مكان أو زمان كانوا، وسواءً خرجوا على الإمام أم لم يخرجوا.
وليس كل من خرج على الإمام يكون خارجياً فقد يكونون غير خوارج من حيث العقيدة فيسمون (بغاة)، و(الباغي) من الناحية اللغوية: هو الظالم، وكذلك كل من خرج عن شيء ما فهو (خارج) من الناحية اللغوية، لكن من الناحية الاصطلاحية العقدية: (البغاة) اصطلاح على فئة معينة، والخوارج اصطلاح على فئة معينة، وقد يخلط بينهما بعض الناس فيسمون البغاة خوارج، وممكن أن تصح هذه التسمية، لكن هذا الإطلاق خطأ من الناحية التاريخية ومن الناحية العلمية، فمن الناحية التاريخية: ليس كل من خرج على علي رضي الله عنه يقال: إنه من الخوارج، فـمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه -مثلاً- ومن كان معه من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين خرجوا عن طاعة علي رضي الله عنه، فهل سماهم خوارج ؟ أو اعتبرهم خوارج ؟ لا. إذاً: هذا من الناحية التاريخية.
وعليه فليس كل من خرج على الإمام الحق يسمى خارجياً هذا من الواقع التاريخي، وأيضاً من حيث الاستدلال المجرد نقول: إن الإنسان قد يخرج على الإمام الحق وهو معتقد بعقيدة أهل السنة والجماعة، وقد يظل في طاعة الإمام وهو معتقد لأحد مذاهب الخوارج، فليست القضية مرتبطة بطاعة الإمام أو اعتقاد ولاية الإمام الحق، وإنما هي مرتبطة بالعقيدة، وقد يكون الإمام والباغي الذي خرج عليه على عقيدة واحدة؛ كل منهما -مثلاً- على عقيدة أهل السنة أو غيرها، المهم أنه لا يشترط أن يكون هذا الخارج على عقيدة الخوارج، لكنه أخطأ إذ خرج على الإمام الحق، وسمي باغياً لخروجه وعدم دخوله في طاعته، أما (الخارجي) فسواء كان داخلاً تحت حكم الإمام أو خارجاً عنه، قاتل المسلمين أو لم يقاتلهم فيطلق عليه (خارجي)، وليس شرطاً أن يكون له إمام؛ فمن فرق الخوارج من عينت إماماً، ومنهم من يعتقد عقيدة الخوارج وليس له إمام معين، فإذاً: نحن بهذا نكون قد ميزنا بين اصطلاحين: وهما الخوارج و(البغاة).